الأربعاء، 18 فبراير 2015

ضائع في الترجمة

ضائع في الترجمة: دليلٌ مصوّر لكلمات جميلة غير قابلة للترجمة عبر العالم
بقلم: ماريّا بابوفا
ترجمة: أنس أبومّيس


"اليوفوريا المختبرة حينما تبدأ في الوقوع في الحب، وكومة الكتب المشتراة غير المقروءة، وفنجان القهوة الثالث، وملذّات موسيقيّة لُغوية أخرى."


" تنتميالكلمات لبعضها". هكذا قالت فيرجينيا وولف في التسجيل الوحيد المتبقي/الناجي بصوتها، تأمّل رائع في جمال اللغة. لكن ماذا يحدث عندما تنفصل الكلمات بفعل اختلاف لا ارتباط معه؟. "إذا استثنينا صريحي الخِداع، ومتوسّطي البُله ، والعجزة من الشعراء، يوجد هناك تقريباً ثلاثة أنواع من المترجمين،" هكذا يفتتح فلاديمير نابوكوف رأيه شديد اللهجة عن المترجمين.
وحقّاً، إن هذه الرياضة متعددة اللغات بالغة التعقيد والتي لا تُقدّر حق قدرها، والتي تساعد الكلمات أن تعود لبعضها والتي يمكنها أن تكشف مجلّدات عن الحالة الإنسانية، غالباً ما تُفهم الفهم الأفضل بواسطة الفراغ السلبيّ حولها، أي تلك الكلمات الأجنبية شديدة الغنى وعديدة الطبقات من المعاني لدرجة أن اللغة الإنجليزية، ورغم مفرداتها الغريبة، تجعلها كلمات غير قابلة للترجمة عملياً.
مثل هذه الكلمات المُراوِغة هي ما تستكشفه الكاتبة والرسامة إللا فرانسيس ساندرز، وهي كما تصف نفسها رحّالة عالميّة "عن سابق إصرار"، في كتابها "ضائع في الترجمة: خلاصة مصوّرة للكلمات غير القابلة للترجمة عبر العالم"، والمنشور قبل فترة قصيرة من بلوغ ساندرز سن الحادية والعشرين.


فوريمسكيت: (اسم) بالنرويجية، يعني اليوفوريا المتعذرة عن التوصيف التي تُختبر حال بدايتك في الوقوع في الحب



 تسوندوكو: (اسم) باليابانية، وتعني ترك كتاب ما دون قراءته بعد شرائه، وعادة ما يكوّم ضمن كتب أخرى غير مقروءة.

من [الكلمة] اليابانية التي تعني ترك كتاب دون قراءته بعد شرائه، إلى السويدية التي تعني الانعكاس الشبيه بالطريق لضوء القمر على المحيط، إلى الإيطالية التي تعني التأثّر حدّ البكاء بقصة ما، إلى الويلزية لابتسامة ساخرة، تتراقص الكلمات التي ترسمها ساندرز على كامل طيف التجربة الإنسانية، مذكّرة إيّانا بلطف أن اللغة هي ما تجعلنا بشراً.


غرفة: (اسم) عربي، وتعني كمية الماء الذي يمكن أن يُحمل في يد واحدة


باليج: (اسم) بالنرويجية، ويعني أي شيء وكل شيء يمكن أن تضعه على قطعة خبز.


وابي سابي: (اسم) ياباني، يعني استشعار الجمال في العيوب، وقبول دائرة الحياة والموتJapanese, noun

بالإضافة إلى الرسوم الساحرة والمتعة اللغوية الخالصة، فإن المشروع هو ترياق رقيق لعصرنا ذي الاتصالات السريعة التي تسطّح التعبير العاطفيّ الملوّن إلى اختزالٍ نصيّ وكليشيهات مستبدّة. على العكس من ذاك، لا تمثل هذه الكلمات غرائب المعجم العالميّ فحسب، ولكنها أيضاً مجموعة غنية من المشاعر، والعواطف، والأمزجة، والأولويّات الثقافية لنطاق متنوّع من التراثات.


ترابفيرتير: (اسم) ييديشيّ، يعني إجابة سريعة أو رداً تفكّر فيه فقط عندما يكون الوقت متأخراً جداً لاستخدامه. حرفياً "كلمات سلميّة".


جوقاد، (هندية) تعني التأكد أن تعمل الأمور حتى بالحد الأدنى من الموارد، حتى لو اقتضت أن تحدث بأي طريقة ممكنة دون أي اعتباراتٍ أخرى.

تحثك هذه الكلمات دائماً للتساؤل، على سبيل المثال، ما إذا كانت ثقافة ما تفتقر لكلمة تشير إلى شعاع الشمس الذي يعبر خلال أوراق الأشجار هي ثقافة تفتقد أيضاً للقدرة على تعظيم مثل هذه الميزة الحضورية، وللسكون الفطِن والمقدِّر الذي يتطلّبه هذا الفعل. إن كلماتنا تُظهر أولويّاتنا.



كوموريبي، (اسم) ياباني، يعني شعاع الشمس الذي يعبر خلال أوراق الأشجار.

تقول ساندرز في المقدمة:
" قد تكون الكلمات في هذا الكتاب إجاباتٍ عن أسئلة لم تعرف كيف تطرحها، وربما سألت بعضها. قد تحدّد عواطف وتجارب قد بدت مراوِغة وغير قابلة للوصف، وقد تسبب في أن تتذكر شخصاً قد نسيت. إن استفدت شيئاً من هذا الكتاب، فليكن الإدراك أو التأكيد على أنك إنسان، وأنك مبدئياً وجوهرياً مرتبط بكل شخصٍ على الكوكب باللغة والمشاعر."


فيكا، (فعل) سويدي يعني الاجتماع للحديث والاستراحة من الروتين اليومي، عادة بشرب القهوة وأكل المعجات، إما في مقهى أو بالمنزل، وعادة لساعات لا نهاية لها.


سوادادي، (اسم) برتغالي، ويعني رغبة غامضة مستمرة لشيء غير موجود وغالباً لا يمكن أن يوجد. توقٌ نوستاجليّ لشخصٍ أو شيءٍ محبوب وضائع.



كيليج، (اسم) بلغة تاجالوج، ويعني الشعور بوجود فراشات في بطنك، عادة عندما يحصل شيءٌ رومانسيّ ولطيف
 
كوموفيري، (فعل) إيطالي، يعني عادة "مثلج للصدر"، ولكنه مرتبط مباشرة بقصة أثرت فيك حد البكاءItalian, verb


لوفتمينش (اسم) بالييديشية، يشير إلى شخص حالم بعض الشيء وتعني حرفياً "شخص هوائيّ"



تريتار (اسم) سويدي، لوحدها تعني "تار" فنجان قهوة، و"بالار" هي إعادة ملء القهوة المذكورة. و"تريتار" هي بذلك إعادة ملءٍ ثانٍ، او "إعادة ملءٍ ثالث"


تمم كتاب "ضائع في الترجمة" بـ كتاب أورين هارجريفز حول كيف نرقي استخداماتنا وندع سوء استعمالنا للغة، ثم متّع نفسك بهذا القاموس المصوّر لغريب اللغة الإنجليزية.
الصور بإذنٍ من إللا فرانسيس ساندرز.  




السبت، 7 فبراير 2015

مخطوطة سيرافينيانوس: أغرب وأجمل موسوعة، تُبعث للحياة




مخطوطة سيرافينيانوس: أغرب وأجمل موسوعة، تُبعث للحياة

بقلم:  ماريا بابوفا
ترجمة:  أنس أبومّيس
         
" ترى ما تريد أن ترى. قد تظنّ أنه يخاطبك، ولكن ذلك من وحي مخيّلتك لا غير". 
في سنة 1976 انطلق الفنان والمعماري والمصمم الإيطالي لويجي سيرافيني، وهو في السابعة والعشرين فقط، ليخلق موسوعة مُحكمة للأشياء والمخلوقات الخيالية، والتي اتخذت مكانة بين أبجدية إدوارد جوري المُلغزة، وخزانة عجائب آلبيرتوس سيبا ، وكتاب الألعاب السريالية، وآليس في بلاد العجائب. 
الأكثر من ذلك هو أنها لم تكن مكتوبة بلغة عادية ولكن بأبجدية غامضة ظهرت كأنها لغة مُصطنعة - وهي محاولة شديدة التعقيد لدرجة أنها تشكل أحد أبرز مفاخر علم التشفير. لقد أخذت من عمره حوالي ثلاث سنين لإكمال المشروع، وثلاثاً أخرى لنشرها، ولكنها نشرت أخيراً. اجتذب الكتابُ – وهو تحفة فنية غريبة ورائعة من الفنّ والاستفزاز الفلسفيّ على حافّة عصر المعلومات- عدداً متنامياً من المتابعين مستمراً في اكتساب الزخم حتى بعد نفاذ الطبعة الأصلية.
والآن، للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عاماً، يُبعَثُ للحياة مجدداً كتاب شيفرة سيرافينيانوس، في نسخة باذخة من قِبل دار ريتزولي Rizzoli -  ذات الميول لاستخراج الكنوز المنسيّة – وتتضمن النسخة فصلاً جديداً بقلم سيرافيني وهو الآن في ستينيّاته، وتأتي في طبعةً موقّعة بيد الكاتب نفسه على كلّ من المجلّدات الفاخرة.  






في مقابلة مع مجلة وايرد إيتاليWired Italy، يجذب سيرافيني الانتباه إلى التشابهات الدقيقة مع كتب الأطفال من حيث الطريقة التي يسحر بها كتاب شيفرته أهواءنا كبالغين بجماله الغريب:
" ما أريد أن تُوصله أبجديّتي للقارئ هو ذلك الإحساس الذي يشعر به الأطفال بين يدي كتبٍ لا يستطيعون فهمها بعد. لقد استخدمته لوصف عالمٍ خياليّ تحليلياً وإعطاء إطار متماسك. تنشأ الصّور من الصدام بين هذه الكلمات الخياليّة والعالم الحقيقيّ. لقد صارت الشيفرة محبوبة جداً لأنها تجعلك تشعر بالراحة أكثر مع خيالاتك. إن وجود عالمٍ آخر مستحيل، ولكن وجود عالمٍ خياليّ قد يكون ممكناً. "




بينما يمزح متحدثاً عن تسعيرة الكتاب المرتفعة، يتكلم سيرافيني عن نقطة جادًة أكثر بخصوص كيف ينمّ عن الاختياريّة المثيرة لانتباهنا.
"  النسخة [الجديدة] غنية جداً وغالية أيضاً، أعلم هذا. ولكن الأمر تماماً كما يقول النفسانيّون: المال شيءٌ مهمّ، والتكاليف المالية هي جزءٌ من عمليّة الشفاء. في النهاية، إن كتاب المخطوطة مماثل لاختبار رورشاخ بواسطة بقعة الحبر. أنت ترى ما تود رؤيته. قد تظن أنه يخاطبك، ولكنها مخيّلتك لا غير.





لا شك أنه أحد أعقد وأجمل كتب الفن التي أُبدِعَت على الإطلاق، وشيفرة سيرافينيانوس هو أيضاً تأمّل عابرٌ للزمن بشأن ماهيّة "الواقع" على وجه الحقيقة، وهو بالأخص حسن التوقيت في عصر اليوم ذي المفاخِر التي تبدو سرياليّة مثل أشكال الحياة الجديدة تماماً المهندسة جينياً، والجسيمات تحت-الذريّة المتسارعة نحو بعضها بسرعة تفوق سرعة الضوء، وتشفير كتابٍ كاملٍ في جزيء DNA واحد. 

كل المدونات الليبية