الخميس، 13 نوفمبر 2014

لقد أخفقت اليوم

لقد أخفقت اليوم*
أو بالأحرى لقد أخفقت طيلة حياتي ..

مرحباً. اسمي جون. لقد كنت أجوب المكان منذ مدة، لكنني أخيراً أنشأت حساباً لأنشر هذا. أنا في حاجة لأن أزيح حمل حياتي عن صدري. أما عن نفسي، فأنا مصرفيّ في الـسادسة والأربعين من العمر وقد عشت حياتي كلها عكس ما أردت. كل أحلامي، شغفي، قد زالت. في وظيفة من التاسعة حتى السابعة. ستة أيام في الأسبوع. لستة وعشرين عاماً. اخترت باستمرار الطريق الآمَن في كل شيء، الأمر الذي غير في النهاية الشخص الذي كنت.

اليوم، علمتُ أن زوجتي كانت تخونني خلال السنوات العشر الأخيرة. لا يحملُ ابني أي مشاعرٍ تجاهي. أدركتُ أنني فوّتت جنازة والدي من أجل لا شيء. لم أكمل روايتي، ولم أسافر عبر العالم، ولا ساعدتُ المحتاجين. كل هذه الأشياء كنت أظنني متأكداً منها وأنا في أواخر مراهقتي وأوائل عشريناتي. لو قابلني النسخة الشابة مني اليوم، للكمني على وجهي. سوف أتكلم عن كيف حُطِّمت هذه الأحلام.

لنبدأ بوصفي وأنا في العشرين. يبدو الأمر وكأنني بالأمس كنت متأكداً أنني سأغير العالم. أحبني الناس وأحببت الناس. كنت مبتكراً، خلّاقاً، عفوياً، مقداماً على المخاطر، وممتازاً مع الناس. كان لدي حلمان. الأول كان أن أكتب كتاباً يوتوبياً/ديستوبياً**. والثاني، كان أن أسافر حول العالم وأساعد الفقراء والمشردين. 

حينها، كنت بدأت مواعدة زوجتي منذ أربع سنوات. حبٌ الصبا. لقد أحبَّت عفويّتي، وحيويتي، وقدرتي على إسعاد الناس وإشعارهم بالمحبة. كنت متأكداً أن كتابي سيغير العالم. كنت سأظهر جوانب "شريرة" و"خبيثة"، لأظهر لجمهوري أن كل الناس يفكرون بطريقة مختلفة، وأن الناس لا يعتقدون أن ما يفعلونه خاطئ. بلغت الصفحة 70 عندما كنت في العشرين. والآن لازلت في الصفحة 70، في عمر السادسة والأربعين.

بحلول العشرين، كنت قد عزمت على الترحال حول نيوزيلاندا والفيليبين. خططت لزيارة كل من آسيا، ثم أوروبا، ثم أمريكا (بالمناسبة، أنا أعيش في أستراليا). حتى اللحظة، لم أزر سوى نيوزيلاندا والفيليبين.

والآن، نصلُ إلى حيث اتخذت الأمور منحىً سيئاً. حسراتِي الكبرى. كنت في العشرين. كنت ابناً وحيداً. احتجت لأن أكون مستقلاً. احتجت لأن آخذ وظيفة الخرّيجِ تلك، والتي ستحدد حياتي بأكملها. أن أكرس حياتي لعمل من التاسعة إلى السابعة. بمَ كنت أفكر؟ كيف يمكنني أن أعيش حين تكون الوظيفة هي حياتي؟ بعد أن آتي للبيت، كنت آكل العشاء، وأجهز عملي لليوم التالي، وأنام في العاشرة، لأستيقظ في السادسة في اليوم التالي. يا إلهي، لا أتذكر آخر مرة قضيتُ وقتاً حميمياً مع زوجتي.

بالأمس، اعترفت زوجتي بأنها كانت تخونني خلال السنين العشر الماضية. عشر سنين. يبدو هذا كزمن طويل، لكن ليس بمقدوري استيعابه. ولا يؤلمني الأمر حتى. إنها تقول إن ذلك لأنني تغيرتُ. لم أعد الشخص الذي كنت. ماذا كنت أفعل خلال السنوات العشر الأخيرة؟ خارج العمل، لا شيء يذكر. لم أكن زوجاً أصيلاً. ولم أكن نفسي.

من أنا ؟ ما الذي جرى لي؟ لم أطلب حتى الطلاق، ولم أصرخ بوجهها، أو أبكِ. لم أشعر بشيء. بإمكاني الآن الشعور بدمعة وأنا أكتب هذا. ولكن ليس بسبب أن زوجتي تخونني، ولكن لأنني الآن أدرك أنني أموت من الداخل. ما الذي حدث لذاك الشخص الحيوي محب المرح ومتحدي المخاطر الذي كان أنا، ذاك الذي يتحرّق لتغيير العالم؟ أتذكّر أنني دعيت لموعد غرامي من قبل الفتاة الأكثر شعبية في المدرسة، ولكني رفضت من أجل زوجتي الحالية. يا إلهي، لقد كنت محبوباً جداً من الفتيات في الثانوية. في الجامعة أيضاً. لكنني بقيت مخلصاً.لم أستكشف. درست كل يوم.
أتذكرون تلك الرحلة وكتابة الكتاب الذي أخبرتكم عنه؟ كان ذلك كله في السنوات الأولى من الجامعة. عملتُ بدوام جزئي وبدّدتُ كل ما جنيت. الآن، أنا أدّخر كل قرش. لا أتذكر آخر مرة أنفقت فيها أي مبلغ على شيءٍ ممتع. على أي شيءٍ لنفسي. ما الذي أريدهُ أصلاً الآن ؟

توفي والدي قبل عشر سنين. أتذكر أني تلقيت مكالمات من أمي، تخبرني أنه كان يغدو مريضاً أكثر فأكثر. وأنا كنت أغدو منشغلاً أكثر فأكثر، قاب قوسين أو أدنى من ترقية كبيرة. كررتُ تأجيل زيارتي، متأملاً في نفسي أن يتماسك. لقد مات، وحصلت على ترقيتي. لم أره منذ خمسة عشر عاماً. عندما توفي، قلت لنفسي إنه ليس من المهم أنني لم أره. لكوني ملحداً، بررت لنفسي قائلاً إن ذلك لم يهم لأنه ميت. بم كنتُ أفكر؟ مبرراً كل شيء، مقدماً الأعذار لتأجيل الأمور. أعذار. تسويف. كل ذلك يقود لشيءٍ واحد، اللاشيء.

سوغتُ لنفسي أن الاستقرار المادي كان أهم شيء. الآن أعرف أنه بالتأكيد ليس أهم شيء. أنا نادمٌ لترك وظيفتي تستولي على حياتي. أنا نادمٌ لكوني زوجاً شنيعاً، مجرد آلة لكسب المال. أنا نادمٌ لعدم إنهاء روايتي، ولعدم السفر في العالم. لأني لم أكن داعماً عاطفياً لابني. لكوني محفظةً لعينة عديمة المشاعر.

إن كنت تقرأ هذا، وحياتك بأكملها أمامك، فأنا أرجوك. لا تسوّف. لا تدع أحلامك لما بعد. تلذذ بطاقتك، وبشغفك. لا تستخدم الإنترنت طيلة وقت فراغك (إلا إن كان شغفك يحتاج ذلك). أرجوك، افعل شيئاً ما بحياتك وأنت يافع. لا تستكن وأنت في العشرين. لا تنس أصدقاءك، وعائلتك. ونفسك. لا تضع حياتك، وطموحاتك، كما ضيعتها. لا تكن مثلي.
أنا آسفٌ على هذا المنشور الطويل، لم يكن بيدي إلا هذه الفضفضة.

* هذا المقال مترجم عن الإنجليزية من مقالة جون جيريسون JohnJerryson في موقع التواصل الاجتماعي Reddit ضمن حملة بالموقع تحت عنوان Today I Fucked Up يشارك فيها الناس القُرّاءَ بمقالاتهم عن أخطائهم. نص المقال الأصلي: http://www.reddit.com/r/tifu/comments/2livoo/tifu_my_whole_life_my_regrets_as_a_46_year_old/


** الرواية اليوتوبية: المتحدثة عن المدينة الفاضلة، وأما أدب المدينة الفاسدة فيسمى ديستوبيا. 

الخميس، 20 فبراير 2014

لماذا سأصوّت ..؟



اليوم هو العشرون من فبراير 2014. فبراير، الشهر الذي يبدو أنّه شهرٌ حافلٌ على الدوام في ليبيا. قبل ثلاث سنين، سحلت أجساد المتظاهرين في ميدان الشهداء في بداية الثورة. واليوم، تفرّقت الآراء وتشعبت السبل بعد اتّحاد كان مكتوباً له، كعادة الأشياء، الزوال والانحلال. شهدنا هذا العام فوز المنتخب الوطنيّ بكأس أفريقيا للمحليين، الإنجاز الذي لا ينكر أشدّ المتشائمين أنّه بث شعوراً من التفاؤل، ولو لحظياً، بين الناس. بعدها بأيام، كان حراك " لا للتمديد " الذي طالب المؤتمر بالتنحي بحكم انتهاء ولايته. وبين فرحة الكرة وإخفاقات المؤتمر، برزت موضة "الانقلابات المتلفزة" التي افتتحها حفتر لتتلوه بعد أيام كتائب القعقاع والصواعق.

هناك شعورٌ عام بالإحباط والترقّب في ليبيا هذه الأيام. النّاس اليوم مفترقون، بين مصوتٍ، وغير مصوتٍ، وغير مكترثٍ لهذا ولا ذاك بسبب الإحباط المتفشّي. المقاطعون للانتخابات أسبابهم شتّى. هناك الأمازيغ الذين يرفضون توزيع المقاعد الحاليّ ويطالبون بكوتا أكثر ضمانةً لتمثيلهم. من المقاطعين، في طرابلس بالأخصّ، من يرى أنّ التوزيع الحاليّ للمقاعد على الطريقة الفيدرالية (ستون مقعداً، عشرون لكل ولاية من الولايات الثلاث) هو توزيعٌ ظالمٌ وفيه اجترارٌ تاريخيّ لا محلّ له. بالإضافة للمقاطعين لأسبابٍ محددة، هناك من هو نادمٌ على تصويته في انتخابات المؤتمر الوطنيّ، ولا يريد تكرار ذات الخطأ، فهو منسحبٌ من الأمر برمّته.

شخصياً، قررت التسجيل في الانتخابات والتصويت لأسبابٍ عدّة. يرى الناظر بوادر انحلالٍ للعملية الديمقراطية (ولو كانت صورية) في ليبيا. هذه البوادر المنذرة برزت بوضوح مع حراك "لا للتمديد". كل اللقاءات التلفزيونية للداعمين للحراك، وكل النقاشات التي خضتها مع داعميه، كانت تنتهي بي إلى السؤال التالي "ماذا بعد .. ؟ ". ولما لم أجد جواباً على هذا السؤال، ويكون البديل الوحيد المطروح هو "القبائل الشريفة" بتعبير أحد أعضاء المؤتمر "المستقيلين" يوم 7 فبراير، فإنّ هذا يشكل عندي واحدةً من أكبر الكوارث التي يمكن أن تصيب البلد. يزداد هذا التخوف حينما يبدو قادة ميليشياتٍ مثل القعقاع، المرتبطين بما يُفترض أنه الحزب الفائز في الانتخابات الماضية، مستعدّين للإجهاز على ما تبقى من صورة الديمقراطية الوليدة، ليتبع ذلك "تسليم السلطة للشعب" .. يعلم الله أي شعبٍ هو ..

لا يشكل الدستور بالنسبة لي، كما هو للكثيرين، العصا السحرية التي ستحلّ مشاكل البلاد. لكنّه يمثل في نظري مرحلة مهمّة، ينبغي أن تقطعها البلاد بأسرع وقتٍ ممكن، وبأقلّ قدرٍ من الخسائر. لن يكون في نظري أي حراكٍ اقتصاديّ حقيقيّ في البلاد (وبالتالي أي تغير ملموس في حياة الإنسان) مع أي حكومة مؤقتة. لذا، فإنّ إطالة الفترة الانتقالية/المؤقتة لا يزيد إلا في تعقيد الوضع، وإنهاك المواطن، وتقوية من في مصلحتهم دوام الوضع على ما هو عليه. بالمقابل، إنّ نجاح انتخابات اللجنة التأسيسية، ومن ثمّ تمكنّها من كتابة دستورٍ يتوافق عليه الشعب الليبي، سيعدّ أمام العالم، الذي نحتاجه أكثر مما يحتاجنا، علامةً على أنّ ليبيا في الاتجاه الصحيح.

أعتقد أنّ المركب ستسير مهما كان حجم المقاطعة. وأفضّل أن أكون من النادمين على اختيارٍ اجتهدتُ في تحرّيه، على أن أكون من النادمين على مقاطعتي للانتخابات. 

الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

معرض جامعة طرابلس للكتاب الجامعيّ


يُختتم غداً 19/9/2013 معرض جامعة طرابلس للكتاب الجامعي الذي افتتح السبت الماضي. زرت المعرض يوم أمس وهذه تدوينة لتسجيل انطباعي.

مدخل قاعة العرض
اختير مبنى قسم الكيمياء بكلية العلوم ليحتضن هذا الحدث. هناك لافتات دالّة تبيّن المكان بوضوح، وفور دخولك المبنى يُقابلك بوسترات أخرى توضح تفاصيل أكثر. أيضاً، هناك تواجدٌ ممتاز للشباب العاملين بالشركة المنظمة للمعرض وهي "شركة مجموعة الرقميات". يرشدُك بابتسامة أحد الشباب لكشك التسجيل، بعد ملء نموذجٍ معيّن، ثم تُمنحُ بطاقة زائر. عند دخولك قاعة العرض، تُمسح البطاقة بجهاز إلكترونيّ. بشكلٍ عام، مثل هذا الاستقبال المرحّب يُفتقدُ دائماً في الجهات العامّة الليبية، لذا فإنّ للحصول الزّائرِ عليه أثرٌ طيّب. أيضاً تتوافر داخل المعرض شبكة Wifi إلا أنّه لم يتسنّ لي استخدامها.
دليل المعرض وبطاقة الدخول


تعرضُ دور النّشر كتبها في الأجنحة المخصصة ضمن طابقين بمبنى قسم الكيمياء. تتواجد جامعاتُ طرابلس، وبنغازي، وسبها إلى جانب دور نشرٍ خاصّة. معظم الكتب المعروضة هي بطبيعة الحال كتبٌ تخصصيّة في علومٍ ومجالاتٍ شتّى مما يهمّ الطالب الجامعيّ. كتب اللغة الإنجليزية موجودة بكثرة، ويمكن بالإضافة إلى ما سبق الحصول على كتبٍ من مجالاتٍ أخرى. دار النّشر التي شدّتني بكتبها هي دار أويا، وبالخصُوص كتب المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسة بالدوحة. كتب د.عزمي بشارة موجودة ضمن هذه المنشورات.


بالمسرح الموجد جوار قاعة العرض تُقام محاضرات حول مواضيع مرتبطة بالكتاب الجامعيّ والقراءة بصفة عامّة. كما تقام بها بعض النشاطات الأخرى مثل الإلقاءات الشعريّة.
داخل إحدى المحاضرات

المعرضُ بصفة عامّة حسن التنظيم بصورةٍ كبيرة. المكان مرتّبٌ ومهيّء والعاملون بالمعرض سواءً من الشركة المنظمة أو من دور النشر العارضة يرحبون بالزوّار ويساعدونهم إذا احتاجوا. لكن هناك بعض الملاحظات التي سجلتها ينبغي العمل على تحسينها. فرغم أنّ الموقع الإلكتروني للمعرض جيّد من ناحية التصميم والمنظر، إلا أنّه تنقصه بعض المعلومات التي لم تتواجد لا قبل افتتاح المعرض، ولا حتى خلاله. مثلاً عندما تحاول الولوج لصفحة مواعيد المعرض يقابلك التالي:





أيضاً، ممّا يزعجُ الزائر أنّ المعرضَ يختصّ بعرض الكتب فقط لا بيعها حيث ستقوم دور النشر ببيع منشوراتها في معرض طرابلس الدوليّ للكتاب. وفي سياق هذه النقطة، لا توجد تسعيرات واضحة على الكتب ولا يمكن للزائر الحصول على قائمة بالكتب الموجودة في كلّ دار نشرٍ مصحوبة بأسعارها. أرجو أن تُتلافى هذه الأخطاء في معرض طرابلس الدوليّ المقرر افتتاحه الشهر القادم. 

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

عمر المختار؛ تساؤلات ..


اليوم السادس عشر من سبتمبر هو ذكرى استشهاد عمر المختار على أيدي القوات الإيطالية. تحضرني في هذه المناسبة مجموعة من الأسئلة ..
ما الذي كان يقاتل عمر المختار من أجله ..؟ ما كانت قضيّته المحوريّة بالضبط ..؟

**
هل كانت حرباً من أجل قبيلته المنفة.. ؟ أو تحالفٍ لمجموعة من القبائل المتجاورة بالمنطقة ..؟
هل كانت دفاعاً عن مضارب بني قومه .. ؟ أم هل كانت من أجل مسقط رأسه البطنان ؟ هل كانت حربه من أجل برقة مثلاً التي ربّما كان يراها هي الوطن .. ؟ وهل كانت فكرة الوطن موجودة وحاضرةً أم لم يكن يعبء بها أصلاً .. 

وبالحديث عن القبائل والمنطقة، إذا وسّعنا زاوية النظر، هل كانت حرب عمر المختار حقاً حرباً وطنية  ..؟ حرباً هدفها تحرير وطن معروف المعالم من غاصبٍ معتدٍ قادمٍ من وراء البحار ..؟ وما هي تضاريس مفهوم الوطن في ذهن عمر المختار..؟  هل كان قتاله من أجل ليبيا التي لم تكن قد ولدت فكرتها بعد في أذهان المناضلين ..؟

*
هل كان عمر المختار يقاتل لأجل الإسلام. .؟

أقصد أنه حربه كانت هي الحرب المقدّسة؛ الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال ضدّ أعداء الله الكُفّار طلباً إما للنصر أو الشهادة.

هل قاتل عمر المختار لمجرّد انتمائه لـ"طائفة" دينية معيّنة هي السنوسيّة ..؟ هل كان يراها هي الممثّل الرسميّ للإسلام فاندفع لا يهابُ شيئاً مقاتلاً من أجلها .. ؟  

تمثال لـ عمر المختار بالعاصمة الفنزويلية كاراكاس ا
آه. وكيف كان تديّن عمر المختار ..؟ نحن نعلم أنه كان يحمل ولاءً للسنوسيّة، وهي جماعة دينيّة تجديديّة، تقتربُ من السلفيّة الجهادية أكثر من صوفيّة الدروشة، وذلكَ واضحٌ من الحروب التي خاضتها ضد المستعمرين في حروبٍ امتدّت بشمال أفريقيا والصحراء الكبرى عامة ..
هل كان عمر المختار وفقاً لهذا المفهوم إذن راديكالياً إرهابياً ..؟ ينتمي للتخلّف ويرفضُ بغباءٍ كل الخيراتِ، والمعارف، ووسائل التقدم الماديّ التي جلبها الإيطاليون بسبب طبيعته الدينية المتخلّفة المتشددة .. ؟

ما سرّ شهرة عمر المختار التي بلغت الآفاق .. وما سبب إعجاب الملايين من العرب والمسلمين به حول العالم ..؟ 

*


أيضاً. لماذا صار عمر المختار هو البطل "القوميّ" الوحيد لليبيا ..؟ رغم أن حربه كانت في برقة فقط كغيره من الرموز الذين ارتبطوا بمناطقهم ومدنهم ..
هل كانت ضراوته في قتال الإيطاليين وابتهاجهم الشديد بالقبض عليه هي السبب ..؟
أم أن طريقة إعدامه العلنيّ منحته سهماً يفوق أترابه .. ؟
عمر المختار محاطاً بالجنود الإيطاليين

**


هناك أسئلة محيّرة أيضاً حول علاقة القذّافي بعمر المختار ..

ملصق فيلم أسد الصحراء الذي أنتج عام 1981
فمن جهة، القذافي هو من أزاح ضريح عمر المختار ببنغازي، فيما يبدو انعكاساً واضحاً لغيرة منه ومحاولة جادّة لطمس أثره .. وكذلك حارب القذافي كلّ ذكر للسنوسيّة التي كان لعمر المختار ارتباطٌ وثيقٌ بها.

ومن ناحية أخرى، كان عمر المختار هو البطل الوحيد الذي تحتفي به جماهيرية العقيد بخلاف قائدها الأوحد طبعاً. فقد وُضعت صورته على العملة، وضُمِّن اسمه في دروس الأطفال، بل وصرفت ليبيا الملايين لإنتاج سينمائيّ صرفت عليه جماهيرية "اشتراكيّة" معادية للرأسمالية مبلغاً قدره 35 مليون دولار أمريكي فيما يُعتبر من أهمّ الإنتاجات السينمائية العربية.


على الأرجح هي مجرّد تقلّبات العقيد المعروفة ..

*

ربما تقود الأسئلة السابقة لأسئلة أخرى مرتبطة بـ"الهوية الليبية" والوعي الليبي التاريخيّ.
على أي حال، أعتقد أن الأمم عامّة مهووسة برسم صورة معينة في أذهان مواطنيها لأبطالهم التاريخيين. وأعتقد أننا غالباً ما نرسمُ صورة ورديّة غير واقعية لأولئك الأبطال ترفعهم لمرتبة القدّيسين. وربما من الجيّد أن يجد النّاس رمزاً يلتفّون حوله بكلّ شغف بغض النظر عن مدى صدقيّة ذلك وتطابقه مع حقائق التاريخ. 

الثلاثاء، 23 يوليو 2013

كيف تصنعُ مصلحة حكومية بنفسك ..


التقى صباح اليوم الاثنين السفير البريطانيّ بطرابلس بوزير العمل الليبيّ في إطار سعي الدولتين المتصف كل منهما بالعَظمة (حالياً أو سابقاً)  إلى تبادل الخبرات. وفي سياق هذه الزيارة أبدى السفير البريطانيّ سعادته بالتعرف على طرق الإدارة الحديثة المطبّقة في المصالح الحكوميّة الليبية، حيث عرضت الوزارة خطتها المطبقة على كافة المصالح تخطيطاً وإدارة. وجاء فيها :

" يُختارُ لأيّ مصلحة ليبية اسمٌ يُفضّلُ فيه الإطالة لا الاختصار. فالاختصارُ مخلّ والإيجازُ عيبٌ بينما الإطالة من شرُوط حفظ هيبة الدولة عن طريق إبهار المواطن. صحيحٌ أنّ البلاغة تقتضي الإيجاز، لكننا لسنا بصدد درسٍ في اللغة العربية. كمثالٍ لهذه التوصية انظر مثلاً المنظومة القطاعيةالخاصة بالجهات التابعة للوزارة بمصلحة الطرق والجسور والنقل البري.

ثُم إنّه بعد مرحلة اختيار الاسم، تأتي خطوة لا تقلّ عنها أهميّة، ألا وهي اختيار الإحداثيات بلغة الثوار. يُختارُ المكان أبعد ما يكون عن أيّ شارعٍ له اسمٌ معرُوف. يُفضل أن يكون في أشدّ نواحي المدينة حرّاً وأبعدها عن مرمى النظر. يكون المبنى المختارُ لحمل شرف اسم الدولة مبنىً لا تظهرُ عليه أيّ من علاماتِ الجهات الحكوميّة كأن يكون فيلاً مستأجرة مثلاً وذلك لتمويه المخربين المضيعين لوقت موظفي الحكومة الثمين. يُحذر أشدّ الحذر من استخدام أي لافتاتٍ أو علاماتٍ دالّة في الطريق المؤدية للمبنى أو داخل المبنى نفسِه سواءً. نحنُ نسعى لشحذ ذهن مواطنينا وتنمية حسّ الاتجاهات لديهم.
يُفضّل أن تُنشأ المكاتبُ على قطعة أرضٍ رمليّة لا طينيّة ولا مُسفلتَة. وبعدُ، فإنّ من شروط تصميم أي مصلحة حكومية ليبية أن تكون شاسعة مترامية الأطراف بحيث يمكن ترك أكبر مسافة ممكنة بين كلّ مكتبٍ ونظيره. ويندرجُ تحتّ باب الرياضة للجميع شرطُ إبعاد المكاتبِ ذات الوظائف المتصلة بعضها عن بعض. مثلاً، يُفضل أن يكون ختمُ معاملةٍ ما في طابقٍ ومكتب المدير المخول بالتوقيع عليها في طابقٍ آخر. يُمنعُ منعاً باتّاً إنشاءُ أيّ مرافقَ لركنِ السيّارات وذلك توفيراً للمساحة. فنحنُ كما تعلمون في بلادٍ ضيّقة لا تعادل مساحتها إلا مساحة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا واليونان مجتمعة فقط ! "

وفيما يخصّ تنظيم الإدارة الداخليّة للمصلحة الحكومية أشارت الوزارة قائلة " خطتنا في الإدارة الداخلية تتلخص في ثلاثِ كلماتٍ : الورق، الورق، الورق. ينبغي أن ترصّ الأرفف بشتّى ألوان وصنوف الورق لإضفاء جوٍ من البهجة على المصلحة الحكومية. ثمّ إننا في عصرٍ خطير يحاول البعضُ فيه التدليس على الناس بمشاريع الحكومة الإلكترونية غير آبِهين بالمخاطرِ المحدقة بأي نظامٍ إلكترونيّ من فيروساتٍ حاسوبية وهاكرز لا يخافون الله ولا يرقبون في موظفٍ إلًا ولا ذمّة" .

ختمت المحاضرة بحوصلة للبرامج التدريبية المخصصة لتنمية قدرات الموظف الليبيّ.
" الموظف الليبي مُدرّب جيداً لأن يجابه العدوّ – المواطن - بالوضعية التوزيعية آلياً. يتلو ذلك أسلوب النواقص الذي يسردُ فيه الموظّف جميع الكواغد المتوقعة وغير المتوقعة. مثلاً :

جيب أربعة صور شمسية. والخامسة قمريّة. والسادسة حسب تقويم المايا. وسابعهم كلبهم..

وإن كُنت من طويلي الصبرِ " المُعششين " فإنه لن يجدَ إلا أن يستخدم معك البروتوكول المتبع دولياً والمتمثل في رفع الأنف ونفخ الأشداق والتأفف، بحكم أنّ المواطنَ ابن الكلب آتٍ يطلبُ من مالِ أبي الموظّف وأمّ الحكومة. أخزاه الله ولعنه – المواطن لا الموظّف -  .."
**


إثرَ هذا اللقاء الموفّق شكرَ السفير البريطانيّ وزارة العمل الليبية لإتاحتها هذه الفرصة واعداً إياها بنقل التجربة الليبية للملكة البريطانية على جناح السرعة من أجل إرسائها هناك. كما تعهدت وزارة العمل الليبية بالتكفل بتدريب ألفي موظفٍ بريطانيّ على أصول الإدارة. 

الجمعة، 10 مايو 2013

النهيقُ داخلَ السرب


(لا علاقة لهذه التدوينة بأي أحداثٍ سياسيّة جاريَة الآن، كُلّ ما هُناك أنّ العبدَ لله كان " معزُولاً" لأسباب دراسيّة لفترة عن "المشهد السياسي". وإنّما هي فشّةُ غلّ حاصلة في الرقبة منذُ فترة حانَ أوانُ نشرها). 

النهيقُ داخلَ السرب

جلس فرحاً أمامَ حاسُوبهِ يغرّدُ عبر تويتر عن احتشادِ مناصرين لتوجهه السياسيّ بشوارع العاصمة حاملين شعاراتٍ ولافتاتٍ شتّى مصحوبة بمكبّرات الصوتِ وغيرها من مستلزمات المظاهرات. حكّ رأسهُ ثمّ هشتقَ* وبشتَق. في غمرةِ انسجامه انضمّ إليه سيلٌ من المناصرين يطلقون تغريداتهم الداعمة لذاتِ الموضوع. طبعاً لم يخلُ الأمرُ من اختلاق وصفٍ يجمعُ بين الاحتقار والفكاهة للإشارة للطّرفِ الثاني من النّزاع. سيتناسبُ مدى انتشارِ الفكرة مع مدى القدرة على الجمعِ بين الكوميديا الجذّابة وازدراء الخصمِ.

ليدعمَ وجهة نظره جمع كُل الصور التي تحصّل عليها من المظاهرة المذكورة أعلاه. طبعاً، اختارَ تلك النوعية من الصور التي تظهرُ كبرَ عدد المتظاهرين والازدحام الذي خلقوه لكي يدعمَ وجهة نظره. احتدمَ النقاش بينه وبين الخصُومِ في إحدى مواقع التواصل الاجتماعيّ. لا يدري لمَ يضيّع وقته معهم. إنهم حمقى على أيّ حال. لكن "يللا، بالك ربّي يهديهم".

بفرحةٍ عارمة قرأ على إحدى صفحات الفيسبوك خبر تصريح فُلانِ الفلانيّ الشخصية السياسيّة عن دعمه لموقفهم السياسيّ. لقد كان يرَى فيه منذُ زمنٍ بعيدٍ حكمةً وبعد نظر. إنها الفراسة يا أخي.
لكن، بعد عدة لحظاتٍ، شاهدَ مقطع فيديُو لذاتِ المحلّلِ ينتقدُ ذاتَ الموقفِ السياسيّ مما أدّى إلى ارتجاج الطاولة تحتَ قبضة يده الغاضبة. "فليذهب للجحيم، إنهُ وغدٌ منهم. عميل. أكيد دافعينله الكلاب. أصلاً كان مع سيف الكذّاب".

" لا أدري لماذا لا يفهم هؤلاء الأوغاد. نحنُ لا نريدُ إلّا الصلاح للبلد. نريدُ حمايتها من الأيادِي الأجنبيّة العابثة. نحنُ مع التعبير السلميّ دون سلاح عن صوتِ الشعب. نرحّبُ بالحوار وتبادل الأفكار للدفع بعجلة التنمية والنـّ.. إلخ إلخ إلخ .. "

**

لاحظْ عزيزي القارئ رحمكَ الله أنّي لم أحدّد بعدُ التوجّه الذي ينتمي له الموصُوف في العبارات أعلاه. لكنّك قد خلقتَ بالفعلِ صورةً ذهنيّة له في عقلك. على الأرجح هو من خصُومكَ السياسيين الحمقى أليسَ كذلك؟

كُلّ يلُوم أطرافاً أخرى، وكلّ يحيلُ على الأجندات الخارجيّة، وكلّ يصنّف ويصفّ الخصوم في رفوفٍ بعناية ليستمتعَ بالجلُوس قبَالتهم وسبّهم وأمّهاتهم ومن سبَق من آبائهم. لا بأس. على أيّ حال، إنهم متطابقُون أكثر مما يعلمون بكثير. كُلّ من هؤلاء الفرقاء لا يمثّلُ سوى نُسخةً من خصمه بطلاءٍ مختلفٍ. 

إني الآن صرتُ أنظرُ بعين الريبة لكلّ من يدّعي في ليبيا إيمانهُ بثقافة الحوار والتعايش في ظلّ الاختلاف الفكريّ. لا يمثّلُ ما يقولون عندي سوى نوعاً من الاستحمارِ والنّفاقِ الفارغ. إنّي أدّعي كذبَ معظمَ هؤلاء بغض النظر عن كونهم مسلمين أو ملحدين، إسلاميين أو ليبراليين أو غير ذلك. إن الكثيرين يثبتُون لي أنّ ما يعتمدون عليه هو الأحكام المسبقة. حُبّك/كرهك الشيء يعمي ويصمّ بل ويجعلُك كالأنعامِ. 

في العربيّة، ساسَ يسُوسُ جذرٌ قد يستخدم لوصف قيادة النّاس أو الدوابّ على حدّ سواء. لكلّ ما سبق، وتثبياً لثقافة القطيع التراثيّة الأصيلة، أطالبُ بعودة الدوريّ الليبيّ "الممتاز" بأسرع وقتٍ ممكن حتّى يوظّف الواحدُ منّا رغبته وشغفه بالانتماء ويمارسهُ ممارسَةً صحيّة وفعّالة، بعيداً عن ضجيج السياسة. كما أناشدُ الحكومة الليبية أن تُدرجَ كرت الجزيرة الرياضيّة ضمن السلع المدعُومة من الدّولة حتّى يُتاحَ ممارسَةُ هذا الحقّ ضمن إطارِ عالميّ. دعمُ الجزيرة الرياضيّة سيفتحُ علينا باب الأجندة القطريّة ولا شكّ، فينبغي لتعديل الكفّة أن تُدعمَ باقة الشُوتايم حتّى يتسنّى للإخوة الشلقميين أن يفصلُوا كرة القدم عن يد قطرْ.




هشتقَ العبارة يهشتقُها أي خلق منها " هاشتاق ليستخدم في موقع تويتر.. هشتقَ وبشتقَ صيغةُ مُبالغة. 

الثلاثاء، 1 يناير 2013

شفشاون: غرناطة الصُغرى



منظورٌ لمدينة شفشاون 


شفشاون: غرناطة الصُغرى
يؤمن الكثير بمبدأ تجاذب الأرواح، الذي يفسّر ارتياح الإنسانِ تلقائيّاً لبعضِ النّاس دون سابق معرفة.  وفي الحديث عن  النّبي – صلى الله عليه وسلّم - : (الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).  منذُ فترة، أمرّ بشعورٍ مشابهٍ، لكنّه تجاذبٌ مكانيّ. والمكانُ في حالتِي يقعُ ببلادِ المغرب. البلادُ الّتي يعرفُ عنها المشارقة مقدار ما يفهمون من لهجتها الصّعبة، ما يحجبهم عن كنوزها الكثيرة.  
***
بيتٌ شفشاونيّ
تبدأ القصة قبل نحو مائتي عامٍ من سقوط غرناطة، حيث عاش بشمال المغربِ رجلٌ صالحٌ ينتسبُ لآلِ بيتِ رسُول الله ، هو [عبدالسلام بن مشيش]. تمضي الأيام والسّنون ليأتي عام 1471 أحد أحفاد هذا الرّجل، وهو الذي يشير إليه المغاربة بـ [مولاي عليّ بن راشد]، وليؤسس مدينة [شفشاون] لتكون قلعة للجهاد ضدّ حملات البرتغاليين التي قادها بابوات الفاتيكان. 





شفشاون، أو " شُف شاون" بلغة الأمازيغ هي "انظر للقرون"، وذلك لأنّ المدينة تتوسّطُ منطقة تغصّ بالجبال الشاهقة. زرقة السّماء ألهمت أهلها ليتّخذوا لونَها شعاراً لمدينتهم، فلا تكادُ تلتفتُ في أزقّتها إلا انسابت أمام عينيك لوحةٌ بديعة، حتّى صارت تعرف بالجوهرة الزّرقاء. لا يخالُها النّاظرُ لها من علٍ إلّا قطرةً نزلت من بحرِ السّماء الآزورديّ لتضيف لجمال الخضرة الأرضيّ.
**






طفلة موريسكيّة أندلسيّة بشفشاون
أميالٌ قطعها المُوريسكيّون المساكين، بعد قرار الطّردِ النّهائيّ عام 1502 ليركبوا عرضَ البحر، تاركين وراء ظُهورهم الفردوسَ الضّائع. ولم يجد هؤلاء من ظهرٍ يسندهم، ومن صدر يحتوي نحيبهم، ومن ساعدٍ يشدّ أزرهم سوى أهلهم بالمغرب.  


نسوة بالملامح التقليديّة، وملامحهنّ غير عربيّة بوضوح 
تفرّقوا في البلدان، وبطبيعة الحال، نزل الأوّل فالأوّل منهم بالشّمال المغربيّ، وخصوصاً بغرناطة الصّغرى [شفشاون]، الّتي يقطنها كثيرٌ من ذوي الأصول الموريسكية. ويجبُ الملاحظة هنا أنّ كلمة موريسكيّ ارتبطت في الأذهان بالعربِ، وهذا مفهومٌ مغلوطٌ. فالموريسكيّ هو لفظُ إهانة أطلقه الإسبانُ على المسلم المغاير لهم في الديانة، فمنهم العربُ، والأمازيغُ، والنّاظر لوجوه أهل شفشاون مثلاً يجدُ كثيراً من الملامح الأوروبيّة الدّالة على أصلها.


**



هذا المزيجُ الفريدُ، جعل شفشاون ما هي عليه، غرناطة الصّغرى. مدينة جبليّة، طيّبة الهواء، زرقاء البُنيان، حِرفُها اليدويّة انفجارٌ كونيّ صغيرٌ من الألوان.
عجائز شفشاونيّات بالزيّ التقليديّ المذكور
لا أدري ماذا بالتّحديد، لكن هُناك جاذبيّة ما تشدّني لهذه المدينة. هل السبب طبيعتها الخضراء وجمال اصطفاف أبنيتها الزرقاء؟ ألكونها كانت قلعة للجهادِ والاستبسال؟ أم ربّما لامتزاج الأعراق فيها بإبداع؟ أم ربّما هو الزّي المميّز لنسائها والّذي يُقال إنّه زيّ نساء غرناطة؟ قبّعة السّعف تلك، والحجاب الأبيضُ الذي يسترُ رداءً برتقاليّ أو أحمر اللون مخطّطاً.

لم أزُرها حتّى الآن، أتمنّى ذلك في القريبِ العاجل، ولا شكّ عندِي أنّني سأشمّ بها بقيّة من رائحةِ الأندلس.  
كل المدونات الليبية