التقى صباح اليوم الاثنين السفير
البريطانيّ بطرابلس بوزير العمل الليبيّ في إطار سعي الدولتين المتصف كل منهما
بالعَظمة (حالياً أو سابقاً) إلى تبادل
الخبرات. وفي سياق هذه الزيارة أبدى السفير البريطانيّ سعادته بالتعرف على طرق
الإدارة الحديثة المطبّقة في المصالح الحكوميّة الليبية، حيث عرضت الوزارة خطتها
المطبقة على كافة المصالح تخطيطاً وإدارة. وجاء فيها :
" يُختارُ لأيّ مصلحة ليبية اسمٌ
يُفضّلُ فيه الإطالة لا الاختصار. فالاختصارُ مخلّ والإيجازُ عيبٌ بينما الإطالة
من شرُوط حفظ هيبة الدولة عن طريق إبهار المواطن. صحيحٌ أنّ البلاغة تقتضي الإيجاز،
لكننا لسنا بصدد درسٍ في اللغة العربية. كمثالٍ لهذه التوصية انظر مثلاً المنظومة القطاعيةالخاصة بالجهات التابعة للوزارة بمصلحة الطرق والجسور والنقل البري.
ثُم إنّه بعد مرحلة اختيار الاسم، تأتي
خطوة لا تقلّ عنها أهميّة، ألا وهي اختيار الإحداثيات بلغة الثوار. يُختارُ المكان
أبعد ما يكون عن أيّ شارعٍ له اسمٌ معرُوف. يُفضل أن يكون في أشدّ نواحي المدينة
حرّاً وأبعدها عن مرمى النظر. يكون المبنى المختارُ لحمل شرف اسم الدولة مبنىً لا
تظهرُ عليه أيّ من علاماتِ الجهات الحكوميّة كأن يكون فيلاً مستأجرة مثلاً وذلك
لتمويه المخربين المضيعين لوقت موظفي الحكومة الثمين. يُحذر أشدّ الحذر من استخدام
أي لافتاتٍ أو علاماتٍ دالّة في الطريق المؤدية للمبنى أو داخل المبنى نفسِه
سواءً. نحنُ نسعى لشحذ ذهن مواطنينا وتنمية حسّ الاتجاهات لديهم.
يُفضّل أن تُنشأ المكاتبُ على قطعة
أرضٍ رمليّة لا طينيّة ولا مُسفلتَة. وبعدُ، فإنّ من شروط تصميم أي مصلحة حكومية ليبية
أن تكون شاسعة مترامية الأطراف بحيث يمكن ترك أكبر مسافة ممكنة بين كلّ مكتبٍ
ونظيره. ويندرجُ تحتّ باب الرياضة للجميع شرطُ إبعاد المكاتبِ ذات الوظائف المتصلة
بعضها عن بعض. مثلاً، يُفضل أن يكون ختمُ معاملةٍ ما في طابقٍ ومكتب المدير المخول
بالتوقيع عليها في طابقٍ آخر. يُمنعُ منعاً باتّاً إنشاءُ أيّ مرافقَ لركنِ
السيّارات وذلك توفيراً للمساحة. فنحنُ كما تعلمون في بلادٍ ضيّقة لا تعادل
مساحتها إلا مساحة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا واليونان مجتمعة
فقط ! "
وفيما يخصّ تنظيم الإدارة الداخليّة
للمصلحة الحكومية أشارت الوزارة قائلة " خطتنا في الإدارة الداخلية تتلخص في
ثلاثِ كلماتٍ : الورق، الورق، الورق. ينبغي أن ترصّ الأرفف بشتّى ألوان وصنوف
الورق لإضفاء جوٍ من البهجة على المصلحة الحكومية. ثمّ إننا في عصرٍ خطير يحاول
البعضُ فيه التدليس على الناس بمشاريع الحكومة الإلكترونية غير آبِهين بالمخاطرِ
المحدقة بأي نظامٍ إلكترونيّ من فيروساتٍ حاسوبية وهاكرز لا يخافون الله ولا
يرقبون في موظفٍ إلًا ولا ذمّة" .
ختمت المحاضرة بحوصلة للبرامج
التدريبية المخصصة لتنمية قدرات الموظف الليبيّ.
" الموظف الليبي مُدرّب جيداً لأن
يجابه العدوّ – المواطن - بالوضعية التوزيعية آلياً. يتلو ذلك أسلوب النواقص الذي
يسردُ فيه الموظّف جميع الكواغد المتوقعة وغير المتوقعة. مثلاً :
جيب أربعة صور شمسية. والخامسة
قمريّة. والسادسة حسب تقويم المايا. وسابعهم كلبهم..
وإن كُنت من طويلي الصبرِ "
المُعششين " فإنه لن يجدَ إلا أن يستخدم معك البروتوكول المتبع دولياً
والمتمثل في رفع الأنف ونفخ الأشداق والتأفف، بحكم أنّ المواطنَ ابن الكلب آتٍ
يطلبُ من مالِ أبي الموظّف وأمّ الحكومة. أخزاه الله ولعنه – المواطن لا الموظّف -
.."
**
إثرَ هذا اللقاء الموفّق شكرَ السفير
البريطانيّ وزارة العمل الليبية لإتاحتها هذه الفرصة واعداً إياها بنقل التجربة
الليبية للملكة البريطانية على جناح السرعة من أجل إرسائها هناك. كما تعهدت وزارة
العمل الليبية بالتكفل بتدريب ألفي موظفٍ بريطانيّ على أصول الإدارة.