الخميس، 20 فبراير 2014

لماذا سأصوّت ..؟



اليوم هو العشرون من فبراير 2014. فبراير، الشهر الذي يبدو أنّه شهرٌ حافلٌ على الدوام في ليبيا. قبل ثلاث سنين، سحلت أجساد المتظاهرين في ميدان الشهداء في بداية الثورة. واليوم، تفرّقت الآراء وتشعبت السبل بعد اتّحاد كان مكتوباً له، كعادة الأشياء، الزوال والانحلال. شهدنا هذا العام فوز المنتخب الوطنيّ بكأس أفريقيا للمحليين، الإنجاز الذي لا ينكر أشدّ المتشائمين أنّه بث شعوراً من التفاؤل، ولو لحظياً، بين الناس. بعدها بأيام، كان حراك " لا للتمديد " الذي طالب المؤتمر بالتنحي بحكم انتهاء ولايته. وبين فرحة الكرة وإخفاقات المؤتمر، برزت موضة "الانقلابات المتلفزة" التي افتتحها حفتر لتتلوه بعد أيام كتائب القعقاع والصواعق.

هناك شعورٌ عام بالإحباط والترقّب في ليبيا هذه الأيام. النّاس اليوم مفترقون، بين مصوتٍ، وغير مصوتٍ، وغير مكترثٍ لهذا ولا ذاك بسبب الإحباط المتفشّي. المقاطعون للانتخابات أسبابهم شتّى. هناك الأمازيغ الذين يرفضون توزيع المقاعد الحاليّ ويطالبون بكوتا أكثر ضمانةً لتمثيلهم. من المقاطعين، في طرابلس بالأخصّ، من يرى أنّ التوزيع الحاليّ للمقاعد على الطريقة الفيدرالية (ستون مقعداً، عشرون لكل ولاية من الولايات الثلاث) هو توزيعٌ ظالمٌ وفيه اجترارٌ تاريخيّ لا محلّ له. بالإضافة للمقاطعين لأسبابٍ محددة، هناك من هو نادمٌ على تصويته في انتخابات المؤتمر الوطنيّ، ولا يريد تكرار ذات الخطأ، فهو منسحبٌ من الأمر برمّته.

شخصياً، قررت التسجيل في الانتخابات والتصويت لأسبابٍ عدّة. يرى الناظر بوادر انحلالٍ للعملية الديمقراطية (ولو كانت صورية) في ليبيا. هذه البوادر المنذرة برزت بوضوح مع حراك "لا للتمديد". كل اللقاءات التلفزيونية للداعمين للحراك، وكل النقاشات التي خضتها مع داعميه، كانت تنتهي بي إلى السؤال التالي "ماذا بعد .. ؟ ". ولما لم أجد جواباً على هذا السؤال، ويكون البديل الوحيد المطروح هو "القبائل الشريفة" بتعبير أحد أعضاء المؤتمر "المستقيلين" يوم 7 فبراير، فإنّ هذا يشكل عندي واحدةً من أكبر الكوارث التي يمكن أن تصيب البلد. يزداد هذا التخوف حينما يبدو قادة ميليشياتٍ مثل القعقاع، المرتبطين بما يُفترض أنه الحزب الفائز في الانتخابات الماضية، مستعدّين للإجهاز على ما تبقى من صورة الديمقراطية الوليدة، ليتبع ذلك "تسليم السلطة للشعب" .. يعلم الله أي شعبٍ هو ..

لا يشكل الدستور بالنسبة لي، كما هو للكثيرين، العصا السحرية التي ستحلّ مشاكل البلاد. لكنّه يمثل في نظري مرحلة مهمّة، ينبغي أن تقطعها البلاد بأسرع وقتٍ ممكن، وبأقلّ قدرٍ من الخسائر. لن يكون في نظري أي حراكٍ اقتصاديّ حقيقيّ في البلاد (وبالتالي أي تغير ملموس في حياة الإنسان) مع أي حكومة مؤقتة. لذا، فإنّ إطالة الفترة الانتقالية/المؤقتة لا يزيد إلا في تعقيد الوضع، وإنهاك المواطن، وتقوية من في مصلحتهم دوام الوضع على ما هو عليه. بالمقابل، إنّ نجاح انتخابات اللجنة التأسيسية، ومن ثمّ تمكنّها من كتابة دستورٍ يتوافق عليه الشعب الليبي، سيعدّ أمام العالم، الذي نحتاجه أكثر مما يحتاجنا، علامةً على أنّ ليبيا في الاتجاه الصحيح.

أعتقد أنّ المركب ستسير مهما كان حجم المقاطعة. وأفضّل أن أكون من النادمين على اختيارٍ اجتهدتُ في تحرّيه، على أن أكون من النادمين على مقاطعتي للانتخابات. 

هناك تعليق واحد:

كل المدونات الليبية