الخميس، 9 أغسطس 2012

الانتقالي .. دقت ساعة الرحيل ..

الناظر لحال المواطن الليبي يجدُ أن حاله تراوح بين تفاؤل وتشاؤم وهبوط خلال فترة الثورة وما بعدها. ينعكس هذا واضحاً إذا قسنا شعُور المواطن تجاه المجلس الوطني الانتقالي؛ الجسم السياسي الذي سعد غالبية الليبيون به بداية، وشـُكرَ لجهوده في قيادة الثورة بشجاعة حين كانت متداعية الخطى. لكن الدنيا لا يدُوم لها حالٌ، فقد أدت عوامل كثيرة إلى تغيير مزاج المواطن، وظهور احتقان عند طبقة كثيرة تجاه هذا المجلس.


اللحظات الأخيرة في عمر المجلس سجلت تبياناً حقيقياً وتمثيلا بديعاً لطبيعته. فالمراقب يرى أن مجلسنا احتفظ لنفسه بصورة الشخص الواحد، مصطفى عبد الجليل، الذي لقي توافقا كبيراً بين أطياف كثيرة من الشعب. وضعُ عبد الجليل قد يكون كما يدعي الكثيرون مُجرد واجهة لرجل يراه الكثيرون في مقام " الولي الصالح" ليسهل تبرير كل خطأ والسكوت عن أي تجاوز. وأزعمُ أن هذا السلوك والتفرد غير صحيّ؛ ومؤكّد أنه سبب الكثير من الأخطاء.

هذا التفرّد في الرأي قد أزعج الكثيرين من المراقبين للشأن العوام طوال الشهور الماضية. ظهُور عبد الجليل بمظهر شيخ القبيلة، الرجل ذي القرارات الارتجالية مزعجٌ في كثير من الأحيان. حادثة طرد سارة المسلاتي مثلا تعكسُ هذا السلوك. قد قُتلَ موضوعها بحثاً ونقداً ومناقشة، ولستُ بصدد ذلك. لكن إن صحّت رواية طردها بإشارة من السيد رئيس المجلس، فإن هذا يؤكد ما لُمس من عشوائية وتفرد وتسرّع في القرارات لديه. سلوكٌ آملُ أن يغيبَ في المؤتمر الوطني المنتخب.

ثم إن التحليل لخطاب عبدالجليل الأخير؛ يلمسُ فيه شيئين خطيرين. الأول نبرته المتحاملة على منتقدي المجلس، حيث ظهر بمظهر المسامح لهم كأنهم جميعاً مخطئون في حقه، وكأن المجلس فوق النقد. الثاني؛ تكراره بأنه وأعضاء المجلس يضعون أنفسهم تحت إمرة المؤتمر الوطني ورهن إشارتهم؛ تصريحٌ قد يحملُ في جوفه إيحاءً باطناً بأن أعضاء المجلس (الذين لم نعلم منهم إلا القليل) باقُون هُنا في الملعب السياسي.

لا أحملُ في نفسي إلا كل احترام لشخص عبد الجليل، لكن يجبُ أن يعي هُو وكلّ أعضاء المجلس (وبالمرّة كل من يحظى بشرف خدمة الليبيين في منصب رسميّ) أن لا أحد فوق النقد، والمُحاسبة . يقُول رئيس الوزراء البريطاني الشهير ونستون تشرتل "قد لا يلقى النقدُ إجماعاً؛ لكنه حتماً ضروريّ. إنه يؤدي نفس الوظيفة التي يؤديها الألم في الجسم الإنساني. إنه يجذبُ الأنظار للحالة غير الصحية للأعضاء ". فأيُّ مجهود بشريّ يترفّع عن هذه النقاطُ؛ فإنه يضعُ نفسهُ مقام التقديس؛ وهذا انتهى عهدُه وولى. وقد وضع الشاعرُ (نعيم الزويّ) أبياتاً جميلة بمناسبة وداع المجلس الانتقاليّ يقُول فيها:



قولولهم شكرا على مـادرتوا*****وقبل الشكيرة فيه يوم احســـاب

وقولولهم حتى انكـان كبرتوا*****كل حــــــد فيكم للقضاء ينجـــاب
ونبقوا وراكم لو نزلتوا او طرتوا*****على مال سايب من غباكم ساب
وقولولهم تاريخنــا سطــرتـوا*****ودرنا عليكــم مالفســاد اكتـــاب
وقولولهم بالحيـل ماقصــرتوا*****على امن ضايع فى الشوارع ذاب
وقولولهم عــن مالنا ودرتــوا*****عـــدا هـــدايه او زور للاصحــــاب
وقولولهم لامـــوات ماقـدرتوا*****على ناس هربت قاعده نحساب
وقولولهم صفو الحياة عكرتوا*****وين مــا فتحتـوا للكتايـــــب باب
وقولولهم دمعــاتنا درتـرتــوا*****ويــن ما ارضيتـــوا ليبيا تنهــــاب



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كل المدونات الليبية